" ومن هذا المنطلق، فقد لاحظنا ميدانيا أن هناك أطرافا من أذناب العصابة ذات النوايا السيئة، تعمل على جعل من حرية التنقل ذريعة لتبرير سلوكها الخطير والمتمثل في خلق كل عوامل التشويش على راحة المواطنين، من خلال الزج الأسبوعي بعدد من المواطنين يتم جلبهم من مختلف ولايات الوطن إلى العاصمة، بهدف تضخيم الأعداد البشرية في الساحات العامة التي ترفع شعارات مغرضة وغير بريئة تتبناها هذه الأطراف. والغرض الحقيقي من وراء كل ذلك، هو تغليط الرأي العام الوطني بهذه الأساليب المخادعة لتجعل من نفسها أبواقا ناطقة كذبا وبهتانا باسم الشعب الجزائري. وعليه فقد أسديت تعليمات إلى الدرك الوطني، بغرض التصدي الصارم لهذه التصرفات، من خلال التطبيق الحرفي للقوانين السارية المفعول بما في ذلك توقيف العربات والحافلات المستعملة لهذه الأغراض وحجزها وفرض غرامات مالية على أصحابها". مقطع من كلمة وزير الدفاع.
المبررات المقدمة لمنع حق التنقل والتظاهر السلمي
- التشوشي على راحة المواطنين العاصميين
- استغلال أذناب العصابة للمواطنين وجلبهم للعاصمة
- رفع المتظاهرين لشعارات مغرضة وغير بريئة لتغليط الرأي العام الوطني
تقييم هذه المبررات المقدمة
- فيما يتعلق بمبرر التشويش على راحة المواطنين العاصميين: يفيد هذا المبرر أن القاطنين على مستوى العاصمة غير معنيين بالحراك، فيوم الجمعة بالنسبة لهم هو يوم راحة وتنزه، ويأتي مواطنين من خارج العاصمة للتشويش على راحتهم.
لكن ألا ينطبق هذا كذلك على المواطنين في مختلف الولايات التي يتم فيها التظاهر، فهم كذلك يعتبرون يوم الجمعة يوم راحة وتنزه " قبل 22 فيفري بالطبع" ، أليس من المنطق كذلك منع التنقل إليها عبر مختلف الولايات المجاورة.
لذلك فالغرض من منع التنقل للعاصمة ليس حرصا على راحة العاصميين كما قيل، إلا إذا اعتُبروا مواطنين من الدرجة الأولى، إنما لغرض أخر غير معلن عنه ولكنه واضح وجلي.
- فيما يتعلق باستغلال أذناب العصابة للمواطنين وجلبهم للعاصمة: يفيد هذا المبرر أن المواطنين المتظاهرين غير واعيين ويسهل استغلالهم، ومن طرف من؟ من طرف أذناب العصابة التي خرج المواطنون ضدها! هذا يعني أن الأذناب أقوى من العصابة ذاتها، باعتبار أن جل ولايات الوطن تعرف التظاهر يوم الجمعة، فهل هي التي تجلبهم كذلك لهذه الولايات؟، إذا كان هذا صحيح فيمكنها كذلك التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما دام استطاعت التأثير على المتظاهرين بهذا الحجم.
- فيما يتعلق بمبرر رفع المتظاهرين لشعارات مغرضة وغير بريئة لتغليط الرأي العام الوطني: يفيد هذا المبرر أن حق التظاهر مشروط بنوع الشعارات المرفوعة، فإن كانت شعارات لصالح النظام السائد فهو مسموح، أما إن كانت ضد النظام السائد فهو حق ممنوع، فلم يعد الحديث اليوم عن حق التظاهر السلمي إنما عن حق التظاهر بشعارات لصالح النظام، ومنع التظاهر المعادي لتوجه النظام حتى ولو كان سلميا.
كما أن الشعارات لم تتغير منذ 22 فيفري، " يتناحاو قاع" " الكلمة للشعب" " تطبيق المادتين 7 و 8"
" مكانش انتخابات مع العصابات"، "جيش شعب خاوة خاوة"، فهل العصابة هي التي اختارت هذه الشعارات؟!. ليست في الحقيقة هذه الشعارات هي التي يتضايق منها النظام، باعتباره عرف كيف يتعامل معها، إنما الشعار المتزايد ضد بقايا رموز النظام الذين هم في الحكم، سواء رئاسة الدولة أو وزارة الداخلية، وخاصة وزارة الدفاع، هي التي تحرج النظام.
كيف يتصدى النظام لهذه التصرفات؟
يتم التصدي للمتظاهرين الوافدين إلى العاصمة بالتطبيق الحرفي للقوانين السارية المفعول: و لا نعلم ما هي حرفية القوانين التي تطبق على ناقلين لمتظاهرين سلميين، لا يوجد أي نص قانوني يمنع التنقل الجماعي عبر الولايات، سواء عبر وسائل النقل العمومي أو الخاص، ما لم يُكيّف الفعل على أنه جريمة، وهذا أمر بسيط بالنسبة للقانونيين والقضاة، فكل فعل مهما كان مباحا يمكن بسهولة تحويره إلى جريمة معاقب عليها، مثلما حدث بالنسبة لرفع الراية الأمازيغية، وبالمناسبة مُنع رفع هذه الراية في العاصمة وسمح رفعها في ولايات أخرى؟!، فهي جريمة في العاصمة وحرية التعبير في تيزي وزو!!.
الهدف من كل هذا؟
يبدو أن الهدف من التعليمات الجديدة هو التمهيد لمنع المسيرات في العاصمة، قصد إجراء الانتخابات في جو هادئ. لكن أيكفي ذلك لإنجاح الانتخابات، مع استمرار المظاهرات عبر مختلف الولايات؟ أم أن النظام مستعد لإجراء هذه الانتخابات في جو مشحون وبأدنى نسبة مأوية من المشاركة، وحتى ولو تحقق ذلك بهذه الظروف، هل هو الطريق الصواب، مع خطر الانقسام والتفرقة بين أفراد الشعب الجزائري؟.