مساهمة:هذا خطابي الأخير للشعب الجزائري لو كنت بوتفليقة
هذا خطابي الأخير للشعب الجزائري لو كنت بوتفليقة
"بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلام على أشرفِ المرسلين
وعلى آلهِ وصحبِه إلى يوم الدّين
أيتها الـمواطنات الفضليات،
أيها الـمواطنون الأفاضل،
تمُرُّ الجزائر بمرحلة حساسة من تاريخها. ففي الثاني والعشرين من شهر مارس الجاري، و في جُمعةِ خامسة بعد سابقتيها، شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة. ولقد تابَعـْتُ كل ما جرى، و كما سبق لي وأن أفضيت به إليكم في الحادي عشر من هذا الشهر، إنني أتفهمُ ما حرك تِلكَ الجُموعِ الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب هذا للتعبيرِ عن رأيهم، ذلكم الأسلوب الذي لا يفوتني، مرَّة أخرى، أن أنوه بطابعه السلـمي.
إنني لأتفهم على وجهِ الخصوص تلك الرسالة التي جاء بها شعبنا تعبيرًا عما يخامره من قلق أو طموح بالنسبة لمستقبله ومستقبل وطنه. وأتفهَّمُ كذلك التباين الذي وَلَّدَ شيئًا من القلق، بين احترام المشروعية الدستورية، و بين التعجيل بفتح ورشة واسعة بأولوية سياسية قصوى للغاية، و من دون تعطيل غير مبرر، الـمتوخى منها تصور و تنفيذ إصلاحات عميقة في الـمجالات السياسية و الـمؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية، بإشراك على أوسع ما يكون و أكثر تمثيلاً للـمجتمع الجزائري، إنني أتفهمُ كذلك فقدانكم للثقة في مشروع تجديد الدولة الوطنية، الذي أفصحتُ لكم عن أهمِّ مفاصله ضمن خطة طريق التي اقترحتها عليكم سابقا للخروج من الأزمة السياسية التي يمر بها بلدنا العزيز.
وفاء مِنّي لليمين التي أدّيتها أمام الشعب الجزائري بأن أصون وأرجح الـمصلحة العليا للوطن، في جميع الظروف، وبعد الـمشاورات الـمؤسساتية التي ينصُّ عليها الدستور، أعرض على عقولكم وضمائركم القرارات التالية:
أولا: لا محلَّ لاستمراري في السلطة بعد 28 أفريل 2019، نزولا عند رغبة الشعب الجزائري، كما أن حالتي الصحية و سِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا و هو العمل، قبل هذا التاريخ، على نقل السلطة لأشخاص يرضاهم الشعب.
ثانيا: تشكيل مجلس رئاسي انتقالي سيّد، مهمته الاضطلاع بمهام رئيس الجمهورية في المرحلة ما بعد 28 أفريل 2019.
يتشكل هذا المجلس من الشخصيات الوطنية التي تتمتع بالكفاءة والمصداقية والنزاهة اتجاه الشعب الجزائري.
ويقع على هذا المجلس العمل على إيجاد الحلول المناسبة في أقرب الآجال، قصد إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعًا. إن هذه الجمهورية الجديدة، وهذا النظام الجديد، سيوضعان بين أيدي الأجيال الجديدة من الجزائريات والجزائريين الذين سيكونون الفاعلين والـمستفيدين في الحياة العمومية وفي التنمية الـمستدامة في جزائر الغد.
ثالثا: تنظيم استفتاء شعبي يوم 25 أفريل 2019 قصد انتخاب أعضاء المجلس الرئاسي الانتقالي.
إن الغرض من هذا الاستفتاء هو إضفاء المشروعية والشرعية اللازمتين على المجلس للاضطلاع بمهامه في المرحلة الانتقالية، باعتباره ممثلا للسّيادة الشعبيّة، وذلك بالاستناد لنص المادتين7 و 8 من الدستور والتي تقرر مجموعة من المبادئ السامية؛ فالشّعب مصدر كلّ سلطة والسّيادة الوطنيّة ملك له وحده. كما أن السّلطة التّأسيسيّة ملك له ويمارس سيادته بواسطة المؤسّسات الدّستوريّة الّتي يختارها أو عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثّليه المنتخَبين.
رابعا: أتعهّدُ أمام الله عزَّ وجلَّ، و أمام الشعب الجزائري، بأن أقترح في هذه القائمة التي ستعرض على الاستفتاء الشعبي كما أسلفت ذكره، الشخصيات الوطنية التي يثق فيها الشعب ويرضاها لتسيير المرحلة الانتقالية.
يتكون هذا المجلس من سبع شخصيات وطنية، على رأسـه شخصية وطنية مستقلة تنتخب من بين الأعضاء، والذي يتولى مهام رئيس الدولة بالنيابة للفترة الانتقالية، ويتعهد بعدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.
خامسا: أتعهّدُ مرة ثانية أمام الله عزَّ وجلَّ، و أمام الشعب الجزائري، بألاّ أدّخِر أيَّ جهدٍ، فيما تبقى لي من أيام على رأس هذه الدولة، في سبيل تعبئة مؤسسات الدّولة وهياكلها ومختلفِ مفاصلها وكذا الجماعات الـمحليّة، قصد إنجاح هذا الاستفتاء بما يخدم طموحات الشعب الجزائري. كما أتعهّدُ بأن أسهر على ضمان مواظبة كافة المؤسسات الدّستورية للجمهورية، بكل انضباط، على أداء المهام المنوطة بكل منها، و ممارسة سُلطتها في خدمة الشعب الجزائري والجمهورية لا غير.
ذلِكُم هو المخرج الحسن الذي أدعوكم جميعا إليه لكي نُجنّب الجزائر الـمحن والصراعات وهدرِ الطاقات.
ذلِكُم هو السبيل الـمؤدي إلى قيامنا بوثبة جماعية سلـمية تمكّن الجزائر من تحقيق كل ما هي مجبولة على تحقيقه، في كنف ديمقراطيةٍ مُزدهرة، جديرة بأمجاد تاريخ أمتنا.
ذلِكُم هو السبيل الذي أدعوكم إلى خوضه وأطلب فيه عونكم ومؤازرتكم لهذا المجلس.
ويبقى الشعب أحسن ضمان لاحترام اختياره، وذلك من خلال تضحياته وإحساسه بالمسؤوليّات وتمسكه العريق بالحريّة والعدالة الاجتماعيّة.
"و قل اعملوا فسيرى اللهُ عملكم ورسولُه والـمؤمنون" صدق الله العظيم
عاشت الجزائر
الـمجد والخلود لشهدائنا الأبرار".